وقعت عيني منذ يومين على جملة رائعة للأديب الألماني الشهير يوهان جوته ، هذه الجملة قد يعرفها الكثير ، وقد يقرأها الكثير ولكنها تمر عليه مرور الكرام ، إلا أني أريد أن أتحدث فيها اليوم بشيء من الوعي والعمق فأنا أرى يوميا بعض الشباب يقع في الكثير من المشاكل بسبب غياب الوعي بهذه الحكمة .
...
مالم تبدأه اليوم ، لن يكتمل في الغد
حكمة أطلقها جوته المتوفي عام 1832
وإلى الآن وفي القرن الواحد والعشرين ، أرى الكثير من الشباب يعاني بسبب عدم وعيه لها
كم مرة كنت تتمنى أن تبدأ المذاكرة مع بداية العام الدراسي .. لكنك لم تفعل؟
كم مرة كنت تريد إنجاز عمل ما ، ولم تبدأه إلا عندما لم يعد لديك وقت كافي لإنهائه ؟
كم مرة قررت أن تحافظ على مواعيدك وتحلم بأن تذهب يوما ما في الميعاد المحدد ، لكنك لا تستطيع ؟
تراجع عن الكمبيوتر بهدوء الآن واسبح في ذاكرتك ..
ترى .. كم عمل كنت تريد فعله منذ زمن بعييييييد .. ولكنك لم تفعله حتى الآن
تعمق أكثر
منذ متى وأنت تريد أن تصبح أفضل وأحسن ؟
منذ متى لا يعجبك حالك وتتمنى أن تتغير للأحسن ؟
منذ سنة ؟ منذ سنتين ؟ منذ أكثر ؟
أمعن التفكير وتذكر
عندما بدأت تحلم بأن تصبح أفضل وأحسن هل كنت تتخيل أن يمر عليك مثل هذا الوقت الطويل دون أن تتغير ؟ بل دون حتى أن تتقدم خطوة واحدة ؟
هذا إذا لم تكن بالفعل تتأخر ويزداد الأمر سوءا للأسف
صدقني أخي الحبيب لو ظللت بنفس طريقتك في التعامل ، وبنفس طريقة تفكيرك ، ستحصل دائما على نفس النتائج
وقد أراك العام القادم ، وأنت في نفس مكانك
بل في مكان أقل
نحن تربينا للأسف على أسلوب أكرهه بشدة وأحذر الآباء منه في كل محاضراتي
أسلوب يسمى التلقين والتلقي
قد أتحدث في مقالة منفصلة مستقبلا عن بشاعة هذا الأسلوب وكيف يتخلص منه الآباء في التربية
وبسبب هذا الأسلوب الشنيع أصبحت سلوكيات معظم الناس ردود أفعال
بسببه تعودنا أن يكون الخوف هو محركنا ، وليس الحب والأهداف
لا نذاكر حتى تأتي الامتحانات وتضغط علينا فنذاكر
لا نقوم بالأعمال حتى يداهمنا الوقت فيضغط علينا فننجزها
لا نحافظ على صحتنا حتى يداهمنا المرض فنجري على الدكاترة
لا نحافظ على الصلاة حتى يداهمنا وقت دخول الصلاة الأخرى فنقفز سريعا لننقرها كنقر الدجاج
لا نحافظ على المواعيد حتى يداهمنا الوقت فنجري ونحرق دمنا ونصل متأخرين ونتحجج بالمواصلات
لا نحصل على المعلومة إلا إذا جاءتنا بسهولة عن طريق الإيميل بل وإذا جاءت نتجاهلها ، لأنها جاءت سهلة يسيرة ،، فلا يستفيد منها غالبيتنا
كل هذا بسبب مصيبة التلقي والتلقين الذي تربينا عليه منذ الصغر
من الآن قرر أن تكون تصرفاتك نابعة من داخلك وليست ردود أفعال
من الآن قرر أن تكون أنت القائد لنفسك ، وأنت القائد للظروف من حولك ، لا أن تكون تابعا للظروف ومنقادا لها
من الآن قرر أن تحركك الأهداف ويحركك الحب ، لا الخوف والقلق والتوتر
ابدأ .. واعلم أنك طالما بدأت فستصل حتما إلى النهاية
ابدأ ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد مهما حدث
ابدأ بأن تفتح كتابا بمزاج لترى المعلومات الموجودة فيه بفضول مع بداية العام الدراسي
ابدأ بالعمل المطلوب منك في أول الوقت ، حتى تجد الوقت الكافي للتفنن والإبداع في إنجازه
ابدأ في التخطيط لأن تأكل الغذاء الصحي لتحافظ على صحتك
احرص على أن تأكل من كل أنواع الخضار والفاكهة ليتغذى جسمك بما خلق الله من مواد مفيدة موزعة على كل نوع وصنف .
احرص على أن تكون صلاتك في أول وقتها فهذا أول تدريب على أن تكون أنت البادئ دوما
احرص على أن تتحدى أصحابك في الوصول دائما في الميعاد المحدد بدقة
ابدأ بالتفكير في موضوع معين ، وأشعل الفضول داخلك ، ثم استخدم الإنترنت في الحصول على المعلومات بهذا الشأن ، وتذوق متعة القراءة والبحث عن المعلومة بنفسك ، وأدرك الفرق في الاستيعاب بين طريقة السعي للحصول على المعلومة وطريقة التلقين والتلقي .
أول خطوة في طريق أي نجاح أو تغير هي أن تبدأ
قال عنها العلماء أنها تعادل خمسين في المائة من عملية التغيير
واعلم أنك لو قلت : سأبدأ غدا ،، فإنك تقوم بنفس الشيء الذي فعلته منذ زمن وستجد نفسك بعد فترة طويلة تقرأ هذا الكلام وتقول يااااااااااااااااه ، لقد مضى عليه زمن طويل
ولن تتقدم إلا إذا ....
بدأت