بسم الله الرحمن الرحيم
مَن تختار.........؟
(الصفات الواجب توافرها في شريكة الحياة)
مما لا شك فيه أن حُسن اختيار الزوجة هو طريق إلي السعادة.
- ففي مُسند الإمام أحمد عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من سعادة ابن آدَمَ ثلاثة ومِن شِقوةِ ابنِ آدَمَ ثلاثة:
من سعادة ابنِ آدم المرأة الصالحة والمسكنُ الصالحُ والمركبُ الصالِحُ
ومِن شقوةِ ابنِ آدمَ المرأة السّوءُ والمسكنُ السّوءُ والمركبُ السَّوءُ ".
- وهو في صحيح الجامع بلفظ:
" أربعُ من السعادة: المرأة الصالحة والمسكنُ الواسِع والجارُ الصالح والمركبُ الهنيء
وأربعُ من الشقاءِ: المرأة السوء الجار السوء المركبُ السوء المسكنُ الضيق "(1)
(1) رواه الحاكم في المستدرك وأبو نعيم في الحلية عن سعد بن أبي وقاص.
- وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا: المرأه الصالحة ".
- فالمرأة الصالحة في هذا الزمان وفي كل زمان كنز ينبغي أن تَكِد في البحث عنه حتى تجده
- فقد اخرج أبو داود عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر:
" أَلا أُخبركَ بخيرِ ما يَكْنزُ المَرْءُ؟ المرأه الصالحَةُ إذا نظر إليها سَرَّتهُ وإذا أمَرَهَا أطاعَتْهُ وإذا غاب عنها حَفِظَته ".
- وفي رواية هي في صحيح الجامع
" قلب شاكِر ولِسان ذاكر وزوجة صالحه تعينك علي أمر دُنياك ودينك خير ما اكتنز الناس "
à فهيا لنتعرف علي صفات المرأة الصالحة والتي إن مَنَّ الله عليك بها تكون قد حوزت هذا الكنز
ونسأل الله أن يبارك لك فيه.
Ÿأولاً: أن تكون صالحة ذات دين
§ قوله تعالى: ((إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) (الحجرات 13)
§ ولقولهِ تعالى: ((وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ)) (النور 32)
§ ولقولهَ تعالى: ((فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ)) (النساء 34)
§ قال ابن كثير (رحمهُ الله)
(فالصالِحاتُ): أي من النساء.
(قانتات): يعني المطيعات لأزواجهم.
(حافظاتُ للغيب): قال السدي وغيرهُ:أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله.
§ وقال عطاء وقتاده
يحفظن ما غاب عن الأزواج من الأموال وما يجب عليهم من صيانة أنفسهنَّ لهم.
- أخرج الطبراني في (الكبير) بسند صحيح من حديث عبد الله بن سلام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" خير النساء امرأه من تسرك إذا أبصرت وتطيعك إذا أمرت وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك "
فمن تحلت بهذه الصفات كانت مطيعة لله ورسولهِ صلى الله عليه وسلم ومن فعلت ذلك فهي في الجنة فهنيئا لهذه الزوجة العفيفة.
- أخرج الإمام أحمد بسندٍ حسن:
" إذا صلّت المرأه خمسها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها (يعني زوجها) دخلت من أي أبواب الجنة شاءت ".
· فهذه بعض صفات المؤمنات الممدوحات مع أزواجهن:
أ- صالحات بعمل الخير والإحسان إلى الأزواج.
ب- مطيعات لأزواجهنَّ فيما لا يسخط الله.
ج- محافظات على أنفسهم في غيبة أزواجهنَّ.
د- محافظات على ما خلفهُ الأزواج من أموال.
ه- لا يرين أزواجهنَّ إلا ما يسرهم من طلاقة الوجه وحسن المظهر وتسلية الزوج.
1) وأخرج البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" فأظفر بذات الدين تربت يداك ".
2) وإذا أجتمع مع الدين جمال وحسب ومال فهو خير لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري ومسلم:
" تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك(1) ".
§ قال الحافظ
وهو بمعنى الدعاء لكن لا يراد حقيقته، فالدين هو العنصر الأساسي في اختيار الزوجة، ذلك أن الزوجة سكن لزوجها وحرثُ لهُ وهي مهوي فؤاده وربَّة بيته وأم أولاده، عنها يأخذون صفاتهم وطباعهم فإن لم تكن على قدر عظيم من الدين والخلق فشل الزوج في تكوين أسرة مسلمة صالحة
أما إذا كانت ذات خلقٍ ودين كانت أمينةَ على زوجها في ماله وعرضه وشرفه، عفيفة في نفسها ولسانها، حسنة لعشرة زوجها فضمنت لهُ سعادتهُ وللأولاد تربية فاضلة وللأسرة شرفها وسمعتها فاللائق بذي المروءة والرأي أن يجعل ذوات الدين مطمح النظر وغاية البُغية لأن جمال الخُلُقِ أبقى من جمال الخَلْقِ، وغنى النفس أولى من غنى المال وأنفس والعبرة في الخصال لا الأشكال وفي الخلال لا الأموال وصدق ربنا حيث قال: ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم)) (الحجرات 13)
3) وحث النبي صلى الله عليه وسلم على الزواج من المرأه الصالحة وبين أنها خير متاع الدنيا......
- فقد أخرج الإمام مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" الدنيا متاع وخير متاعها المرأه الصالحة ".
§ قال ابن عثيمين كما في (الشرح الممتع)
الدَّينة (ذات الدين) تعينهُ على طاعة الله وتصلح من يتولى على يدها من الأولاد وتحفظهُ في غيبته وتحفظ ماله وتحفظ بيته بخلاف غير الديِّنة فإنها قد تضره في المستقبل.
ومن هنا فضل الإسلام صاحبة الدين على غيرها ولو كانت أمه سوداء....
" كانت لعبد الله بن رواحه أَمة سوداء فلطمها في غضب ثم ندم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرهُ فقال ما هيَ يا عبد الله؟ قال " تصوم وتصلي وتحسن الوضوء وتشهد الشهادتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذه مؤمنة فقال عبد الله لأعتقنها ولأتزوجنّه ففعل. فطعن عليه ناسُ ُ من المسلمين وقالوا نكح أمه وكانوا ينكحوا إلى المشركين رغبة في أحسابهم فنزل قوله تعالى ((وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ)) (البقرة 221)
(1) تربت يداك: أي التصقت بالتراب وهو كنايه عن الفقر وقيل عكس ذلك فالتراب دليل على الخير.
- وقيل أن هذه الآية نزلت في " خنساء" وليده سوداء لحذيفة بن اليمان فقال لها حذيفة يا خنساء قد ذكرت في الملأ الأعلى مع دمامتك وسوادك وأنزل الله ذكرك في كتابه ِفأعتقها وتزوجها.(1)
4) فهؤلاء كانوا يتمثلون قول النبي صلى الله عليه وسلم الثابت عند البخاري ومسلم عن أبي بُرده عن أبيه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ثلاثةُ لهم أجران: رجلٌ من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم والعبد المملوك إذا أدَّى حق الله وحقَّ مواليه ورجل كانت عنده أَمَةٌ فأدَّبها فأحسن تأديبها وعلَّمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران".
فخير رفيق في هذه الدنيا الزوجة الصالحة المؤمنة التي تعين زوجها علي أمر دينه.
5) فقد أخرج الإمام أحمد وابن ماجة والترمذي وهو في صحيح الجامع عن ثوبان قال:
" لما نزل في الفضة والذهب ما نزل قالوا فأيُّ المالِ نتخذُ؟؟ فقال صلى الله عليه وسلم:
ليتخذ أحدكم قلبا شاكراَ ولساناً ذاكراً وزوجةً مؤمنةً تُعينُ أحدكم علي أمر الآخرة ".
فالزوجة الصالحة هي جنة السعادة التي تخلع أحزانك علي أعتابها فإن المرأه إذا كانت صالحةً مؤمنةً تقَيه وَرِعة كانت كبنت خويلد(خديجة) رضي الله عنه التي آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كفر الناس وصدَّقته إذ كذبوه وواسته بما لها إذ حرموه فكانت خيرَ عونٍ له في تثبيته أمام الصعاب والشدائد.
- وكانت كأسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما):
مثال المرأة الحرَّة الأبية التي دفعت بولدها إلي طريق الشهادة وحرَّضته علي الصمود أمام قوى الجبروت والطغيان ليموت مِيتة الأحرار الكرام.
- أو كانت كصفية بنت عبد المطلب:
التي دفعت بنفسها إلي غمار الوغى لتدفع يهود عن أعراض المسلمين.
- أو كانت كالخنساء:
التي جاءت بأولادها الأربعة في سبيل الله وعندما جاءها نبأُ استشهادهم قالت: الحمد لله الذي شرَّفني باستشهادهم وإني لأرجو الله أن يجمعني بهم مستقر رحمته.
(1) الجامع لأحكام القرآن القرطبي 3/7 وابن كثير 1/307 وفتح القدير 1/225
ثانياً: أن تكون ولود
فقد ورد في الكتاب الكريم والسنة المطهرة من تحبيب بطلب الذرية الصالحة وحثٍ علي التكاثر في النسل بما يحقق الغرض الأسمى من الزواج والمتمثل في استمرار النوع البشرى ودوام عمارة الأرض.
×ففي القرآن
1. قال تعالى:
((الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا)) (الكهف 46)
2. وقال تعالى:
((زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)) (آل عمران 14)
3. وحكي سبحانه وتعالى علي لسان زكريا عليه السلام أنه كان يتوجه إلي ربه بهذا الدعاء:
((قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)) (مريم 6:4)
4. وقال علي لسان إبراهيم:
((رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء)) (إبراهيم 40)
5. وذكر أن طلب الذرية الصالحة من أمنيات المؤمنين:
((وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)) (الفرقان 74)
6. وحتى الملائكة إذا أرادت الاستغفار للمؤمن استغفرت له ولزوجه ولأولاده:
((الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)) (غافر8:7)
- فقد بينت الآيات الكريمات أن البنين من متاع الحياة الدنيا وزينتها وأن طلب النسل من الأمور التي حببها الله إلي خلقه وطبعهم في ابتغائه وجعله جِبلَة فطريه فيهم كما جعله أمنية للرسل وللمؤمنين.
×ومن السنة علي استحباب طلب الولد:
- أخرج أبو داود عن معقل بن يسار رضي الله عنهم قال:
" جاء رجل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أحببتُ أمرآةً ذاتَ حسبٍ وجمال ولكنها لا تلد أفأتزوجها؟
قال: لا
ثم أتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة
فقال: " تزوجوا الودودَ الولودَ فإني مكاثر بكم الأمم "
وفي رواية:
" فإني مُكاثرٌ بكم الأنبياء يوم القيامة".
§ ملحوظة:
س: كيف تعرف أنها ولود؟
وتعرف الولود بالنظر إلي حالها في كمال جسمها وسلامة صحتها من الأمراض التي تمنع الحمل أو الولادة وبالنظر إلي حال أمها وقياسها علي مثيلاتها من أخواتها وعمَّاتها وخالاتها المتزوجات فإن كُنَّ ممن عادتهن الحمل والولادة كانت (في الغالب) مثلهن.
ثالثاً: أن تكون ودود
وهي المرأة التي تتودد إلي زوجها وتتحبب إليه وتبذل وسعها في مرضاته.
والودود:هي التي تقبل علي زوجها فتحيطه بالمودة والحب والرعاية وتحرص علي طاعته ومرضاته ليتحقق بها الهدف الأساسي من الزواج وهو السكن.
قال تعالى: ((فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا))(1) (الواقعة 37:36)
وقد وردت أحاديث عديدة تؤكد علي ضرورة مراعاة هذه الصفة في المرأة:
1. فقد أخرج أبو داود أن معقل بن يسار قال أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" تزوجوا الودودَ الولودَ فإني مكاثر بكم الأمم".
2. وأخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" نساءُ قريش خيرُ نساءِ ركبن الإبل، أحناه علي طفل في صغره وأرعاه علي زوج في ذات يده".
- فقد وصفهنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بالشفقة علي أطفالهن والرأفة بهم والعطف عليهم وبأنهن يراعين حال أزواجهن ويرفقن بهم ويخففن الكُلَف عنهم فالواحدة منهن تحفظ مال زوجها وتصونه بالأمانة والبعد عن التبذير وإذا افتقر كانت عوناً له وسنداً لا عدواً وخصماً.
3. والمرأه الودود تكون مطيعة لزوجها لا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره
فقد أخرج النسائي والحاكم وحسنه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
"أيُّ النساءِ خير؟ قال: التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره"
4. أخرج البيهقي عن أبي أُذينة الصدفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" خيرُ نسائكم الودودُ الولودُ، المواتية، المواسية، إذا أتقينَ الله".
5. وأخرج النسائي من حديث ابن عباس وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" نساؤكم من أهل الجنة الودود(2) الولود العؤود(3) علي زوجها التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها وتقول لا أذوق غُمضاً(4) حتى ترضى ".
(1) العَرُوب: هي المرأة المتحببة إلي زوجها، الودودة.
(2) الودود: المتحببة إلي زوجها.
(3) العؤود: التي تعود علي زوجها بالنفع.
(4) لا أذوق غمضاً: لا أذوق نوماً حتى ترضى.
× والمرأة الودود هي المرأه التي يُعهدُ منها:
التوددُ إلي زوجها والتحبب إليه، وبذل ما بوسعها من أجل مرضاته لذا تكون معروفة باعتدال المزاج وهدوء الأعصاب بعيدة عن الانحرافات النفسية والعصبية تحنو علي ولدها وراعاية لحق زوجها أما إذا لم تكن المرأه كذلك كثر نشوزها وترفَّعتْ علي زوجها وصعب قيادها لشراسة خلقها مما يفسد الحياة الزوجية بل ويدمرها بعد استحالة تحقق السكن النفسي والروحي للزوج بسببها.
رابعاً: أن تكون بكراً
حتى تكون المحبة بينهما أقوى والصلة أوثق، إذ البكر مجبولةٌ علي الأنس بأول أليف لها وهذا يحمي الأسرة من كثير مما يُنغصُ عليها عيشها ويُكدّر صفوها وبذا نفهم السَّر الإلهي في جعل نساء الجنة أبكاراً
قال تعالى
(إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا)) (الواقعة37:35)
وقد وردت في الحث علي انتقاء البكر أحاديث كثيرة منها:
1) ما أخرجه ابن ماجة والبيهقي وذكره الألباني في الصحيحة عن عبد الرحمن بن سالم بن عتبه عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" عليكم بالأبكار فإنهن أعذبُ أفواهاً وأنتقُ أرحاماً وأرضي باليسير".(1)
2) أخرج البخاري عن عائشة (رضي الله عنها) قالت:
" قلت يا رسول الله أرأيت لو نزلت وادياً فيه شجرة قد أًكِلَ منها ووجدت شجراً لم يؤكل منها في أيها كنتَ تُرتِعُ بعيرك؟ قال: في التي لم يُرتعُ منها " يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكراً (2) غيرها "
3) وفي صحيح مسلم في (كتاب النكاح) عن علقمة قال:
" كنت أمشى مع عبد الله بن مسعود بمنى فلقيه عثمان فقام معه يحدثه فقال له عثمان: يا أبا عبد الرحمن، ألا نزوجك جارية شابة لعلها تذكرك ببعض ما مضى من زمانك؟؟"
§ قال النووي في (شرح مسلم)
فيه استحباب نكاح الشابة لأنها المحصِّلة لمقاصد النكاح فإنها ألذ استمتاعاً وأطيب نكهة وأرغب في الاستمتاع الذي هو مقصود النكاح وأحسن عشرة وأفكه محادثة وأجمل منظراً وألين ملمساً وأقرب إلي أن يعوّدها زوجُها الأخلاق التي يرتضيها.
(1) ضعَّفه بعضهم من جهة عبد الرحمن بن سالم، قال الحافظ في التقريب مجهول.
(2) البكر: هي التي لم توطأ ولم تفض بكارتُها.
§ وبعد هذه الجملة من الأحاديث التي تحث علي التزوج من البكر لِما تمتاز به البكر من:
1. كثرة الملاطفة لزوجها وملاعبتها له ومرحها معه.
2. عذوبة ريقها وطيب فمها بما يحقق لزوجها متعةً عظيمة وحب معاشرتها (حديث جابر) كما أن عذوبة الأفواه تفيد حسن كلامها وقلة بذائتها وفحشها مع زوجها وذلك لكثرة حيائها لأنها لم تخالط زوجا قبله.
3. كونها ولوداً حيث لم يسبق لها الحمل والولادة.
4. رضاها باليسير من الجماع والمال والمؤنة ونحو ذلك – لأن هذا ما وجدته ولم تعرف غيره ولكونها (بسبب حداثة سنها) أقل طمعاً وأسرع قناعة فلا ترهق زوجها ما لا يطيق لكثرة مطالبها.
5. كونها أقل خبَّاً (أي مكرا وخداعا)ً لِمَا جُبِلَتْ عليه من براءة القصد وسذاجة الفكر فهي في الغالب غُفْلٌ لا تزال علي فطرتها لا تعرف حيلة ولا تحسن مكراً.
§ قال ابن القيم كما في (روضة المحبين)
س: لما فضل النبي صلى الله عليه وسلم البكر علي الثيب وهذه الصفة تزول بأول وطء فتعود ثيباً؟
ج: قيل الجواب من وجهين:
×الأول:
أن المقصود من وطء البكر أنها لم تذق أحداً قبل وطئها فتزرع محبته في قلبها وذلك أكمل لدوام العشرة فهذه بالنسبة إلي الوطء فإنه يراعي روضة لم يرعها أحدٌ قبله وقد أشار تعالى إلي هذا المعني بقوله((لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ)) (الرحمن 79)
ثم تستمر له لذة الوطء حال زوال البكارة.
×الثاني:
أنه قد ورد: أن أهل الجنة كلما وطئ أحدهم امرأة عادت بكراً كما كانت.(1)
§ وقال الغزالي في (الأحياء) في الأبكار ثلاث فوائد:
1. أن تحب الزوج وتألفه فيؤثر في هذا الود...
وقد قال صلى الله عليه وسلم " عليك بالودود" والطباع مجبولة علي الأنس بأوّل مألوف وأما التي اختبرت الرجال ومارست الأحوال فربما لا ترضى بعض الأوصاف التي تخالف ما ألفته فتُقلى الزوج.
2. أن ذلك أكمل في مودته لها فإن الطبع ينفر عن التي مسها غير الزوج نفرة ما.
3. أنها لا تحن إلا إلي الزوج الأول وأكثر الحب ما يقع مع الحبيب الأول غالباً.
(1) رواه الطبراني في معجمه.
في زواج الثيبات:
أ- قال الشيخ الإستانبولي في (تحفة العروس):
ومهما كان من شأن البكر فإن للثيب مزاياها من الممارسة والخبرة من حسن معاملة الزوج وقد أخبر اللهُ سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله:
((عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا))
Ãطُرفه: (التحريم50)
عُرضت علي الخليفة المتوكل جارية فقال لها، أبكر أنت أم أيش؟
فقالت: أنا أيش يا أمير المؤمنين، فضحك واشتراها.
× ومع كلٍّ فإنه يجوز للرجل اختيار الثيب إذا توفرّ لديه من الأسباب ما يدعوه إلي ذلك:
كطلب مصاهرة الصالحين أو جبر من توفي عنها زوجها أو لإعالة أيتام أو لكونها خير معين علي تربية أولاده أو أخواته الصغار كما حَدَث لجابر:
1. فقد أخرج البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم قال:
" تزوجتُ أمرأة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيتُ النبي فقال: يا جابر تزوجت؟
قلتُ: نعم، قال: بكرً أم ثيباً قلت: ثيباً (2)، قال: فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك "
- في رواية مسلم:
" فأين أنت من العذارى ولِعابها؟، وفي رواية البخاري: فهلا جارية تلاعبك؟ وتضاحكها وتضاحكك، قلت يا رسول الله إن أبي قُتِلَ يومَ أُحد وترك تسع بنات كُنَّ لي تسعَ أخوات فكرهتُ أن أجمع إليهن جارية خرقاء مثلَهن ولكن امرأة تمشطهنَّ وتقوم عليهن، قال: أصبت "
- وفي رواية بارك الله لك- أو خيراً ".
Ÿ قال صاحب عون المعبود في التعليق علي حديث جابر:
وفيه دليل علي استحباب نكاح الأبكار إلا المقتضى لنكاح الثيب كما وقع لجابر، فجابر مات أبوه وترك له تسع أخوات يتيمات يحتجن منه إلي رعاية وعطف وخدمة فكان من الموائم له أن يتزوج ثيباً تقوم علي أمرهن وتفي بشأنهن" (2)
E قال ابن عثيمين كما في (الشرح الممتع 5/124):
فإذا اختار الإنسان ثيباً لأغراض أخرى فإنها تكون أفضل.
(1) الثيب: وهي المرأة التي تزوجت ثم ثابت إلى بيت أبويها فعادت كما كانت غير ذات زوج.
(2) عون المعبود 6 /44.
Ÿخامساً: أن تكون جميلة حسنة الوجه
هذا بجانب الدين، لتحصل بها للزوج العِفة ويتم إسعاد النفس، ومن هنا كان جزاء المؤمنين في الجنة الحور العين وهن غاية الحسن والجمال.
قال تعالى
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ (53) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ)) (الدخان 54:51)
وفي آية أخرى قال تعالى
(وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ))(1)، (2)، (3) (الواقعة23:22)
§ قال مجاهد: سُميت الحوراء حوراء لأنه يَحَارُ الطرفُ في حسنها.
§ وقيل: هي من حَوَرِ العين: وهي شدّة بياضها مع شدة سوادها.
× وقد أشارت بعض الأحاديث النبوية الشريفة إلي اعتبار عنصر الجمال في المرأه عند الاختيار:
1. ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك".
2. وأخرج النسائي والحاكم وأحمد وحسنه الألباني في الصحيحة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
" أي النساء خير؟ قال: خير النساء التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها
وماله بما يكره".
ï فالجمال:
وإن لم يكن أساسي لكنه أمر معتبر، لذا ندب الشارع إلي مُراعاة أسباب الألفة فأباح النظر إلي المخطوبة.
3. فقد أخرج الترمذي والنسائي عن المُغيره أنه خطب أمرآة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
" أنظر إليها فإنه أحرى أن يُؤدم بينكما ".
أي يؤلف بينهما من وقوع الأدمة علي الأدمة وهي الجلدة الباطنة والجلدة الظاهرة وإنما ذُكِر ذلك للمبالغة في الائتلاف.
(1) الحور: جمع حوراء وهي البيضاء.
(2) أما العِين: فجمع عيناء وهي الواسعة العين.
(3) واللؤلؤ المكنون: هو اللؤلؤ المصون الذي لم يتعرض للمس والنظر فلم تلمسه يد ولم تخدشه عين.
§ قال الأعمش:
كلَّ تزويج يقع من غير نظر فأخره هم وغم.
4. وأخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
" كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج أمرأةً من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرت إليها؟، قال: لا، قال: فاذهبْ فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيء (1) ".
§ قال صاحب عون المعبود:
يؤخذ من الأحاديث استحباب تزوج الجميلة إلا إذا كانت الجميلة غيرَ ديّنه والتي أدني منها جمالاً متدينة فتقدم ذات الدين. أما إذا تساوتا في الدين فالجميلة أولي.
والجمال بالنسبة للمرأة ما لم يكن محصناً بالنشأة الدينية والتربية القويمة والأصل العريق قد يصبح وبالاً عليها إذ يغرى الفسَّاق بالطمع فيها ويهوَّنُ عليها التفريط بشرفها مما يؤدى بها إلي التردي في هوّة الفاحشة دون مبالاة بما يعود علي الأسرة من دمار وما يلوث سمعتها من عارٍ وشنار وقد كان بعض السلف يفضل الدميمة ذات الدين علي الجميلة حتى لا تشغله الجميلة عن طاعة الله.
§ قال مالك بن دينار:
يترك أحدكم أن يتزوج يتيمة فيؤجر فيها إن أطعمها وكساها تكون خفيفة المؤنة ترضى باليسير ويتزوج بنت فلان وفلان يعني أبناء الدنيا فتشتهي عليه الشهوات وتقول أكسنى كذا وكذا.
§ قال أبو سليمان الدارانى:
الزهد في كل شيء حتى في المرأه يتزوج الرجل العجوز إيثاراً للزهد في الدنيا وكان بعض السلف يختار اللبيبة العاقلة علي الجميلة وذلك لمنفعتها الأكثر في حقه.
فهذا هو الإمام بن حنبل رضي الله عنهم أختار عوراء علي أختها وكانت أختها جميلة فسَألَ مَن اعقلهما؟
فقيل: العوراء، قال: زوجني إياها.
(1) في أعين الأنصار شيء: فيها صغر أو عَمَش.
§ يقول ابن عثيمين:
ومن المعروف أن جمال المرأة جمال حسي وجمال معنوي.
ïفالجمال الحسي:
كمال الخِلقة لأن المرأة كلما كانت جميلة المنظر عذبة المنطلق قَرَّت العين بالنظر إليها وأصغت الأذنُ إلي منطقها فينفتح لها القلب وينشرح لها الصدر وتسكن إليها النفس ويتحقق فيها قوله تعالي:
((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) (الروم 21)
ïوالجمال المعنوي:
كمال الدين والخُلُق فكلما كانت المرأة أدين وأكمل خُلُقاً كانت أحب إلي النفس فالمرأة ذات الدين قائمة بأمر الله حافظة لحقوق زوجها وفراشه وأولاده وماله مُعينة له علي طاعة الله تعالي إن نسى ذكرته وإن تثاقل نشَّطته، وإن غضب أرضته.
× فإذا أمكن تحصيل امرأة يتحقق فيها جمال الظاهر وجمال الباطن فقد تمت سعادة الرجل.
- وينبغي علي المرأة ألا تتفاخر علي الزوج بجمالها ولا تزدريه لقبحه.
§ فقد روى الأصمعي فقال:
دخلت البادية فإذا أنا بامرأةٍ من أحسن الناس وجهاً تحت رجلاً من أقبح الناس وجهاً
فقلتُ لها: يا هذه أترضين لنفسك أن تكوني تحت مثله؟
فقالت: يا هذا أسكت فقد اسأت في قولك، لعله أحسن فيما بينه وبين خالقه، فجعلني ثوابه أو لعلي اسأت فيما بيني وبين خالقي فجعله عقوبتي
أفلا أرض بما رضي الله لي
قال الأصمعي: فأسكتتني.
سادساً: أن تكون ذات حسب
×والحسب:
هو الشرف بالآباء والأقارب، مأخوذ من الحِساب لأنهم كانوا إذا تفاخروا عدَّدوا مناقبهم ومآثر آبائهم وقومهم وحسبوها فيُحكم لمن زاد عدده علي غيره.
فينبغي أن تكون حسيبة كريمة العنصر حسنةُ المنبت لأن من اتصفت بذلك فإنها تكون حميدة الطباع ودودة للزوج رحيمة بالولد حريصة علي صلاح الأسرة وصيانة شرفُ البيت وفي كل الأحوال فإن أصالة الشرف وحسن المنبت أمرٌ مرغوب ومطلبٌ محمود.
1. فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" تنكح المرأة لأربع:لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك".
2. وأخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أم هانئ فقالت يا رسول الله إني كبرت ولي عيال فقال: " خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش: أحناه علي ولد في صغره وأرعاه علي زوج في ذات يده ".
Ãفالنبي صلى الله عليه وسلم مدحهن بشيئين:
×الأول: حنوهن علي أولادهن والمقصود كثرة الشفقة عليهم.
§ قال الحافظ:
"والحانية علي ولدها: هي التي تقوم عليهم في حال يتمهم فلا تتزوج فإن تزوجت فليست بحانية".
×الثاني: رعايتها لزوجها في ذات يده يعني ماله وذلك بحفظه وصونها له بالأمانة فيه والصيانة له وترك التبذير في الإنفاق.
÷ويلاحظ في الأمر الأول:
أن هذا لا يعني تحريم زواج الأرملة بل أنه مباح لها ولكنها إن قامت علي أولادها فهو أفضل إلا أن تخاف على نفسها فتنه فيكون طلبها للزواج أفضل والله اعلم.
3. وعند البخاري ومسلم:
" الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ".
4. أخرج ابن ماجة والحاكم الدراقطنى عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء ".
فيؤخذ من هذا أن الشريف النسيب يستحب له أن يتزوج بذات حسب ونسب مثله إلا أن تعارض نسيبة غير دينه وغير نسيبة دينه فتقدم ذات الدين.
§ وقد قال أكثم بن صيفي لبنيه كما في (إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري للقسطلاني):
((يا بنيَّ لا يغلبنَّكم جمالُ النساء علي صراحة النسب فإن المناكح الكريمة مدرجة للشرف)).
وبديهيُ أن الرجل إذا تزوج المرأه الحسيبة المنحدره من أصل كريم أنجبت له أولاداً مفطورين علي معالي الأمور متطبعين بعاداتٍ أصيلة وأخلاقٍ قويمة لأنهم سيرضعون منها لِبانَ المكارم ويكتسبون خِصال الخير.
÷أما أهل الدنيا:
فإنهم يجعلون المال حسبهم الذي يسعون إليه لا يعرفون شرفاً آخر مساوياً له أو مدانياً إياه فصاحب المال فيهم عزيزٌ كيفما كان والمُقِلَّ عندهم وضيع ولو كان ذا نسب رفيع.
§ أخرج ابن ماجة والترمذي والدراقطني والحاكم وصححه الألباني في (الأرواء) عن أبي بُرَيده عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن أحساب أهل الدنيا الذين يذهبون إليه....المال "
والحق الذي ينبغي أن يُصار إليه أن حسب المرء لا يكون بكثرة ماله ووفرة رعائه بل بنبل أصله وحسن منبته وكريم عنصره.
سابعاً: أن تكون عفيفة محتشمة (متحجبة غير متبرجة) فأحذر المتبرجة
فينبغي أن تكون ممن وقع الاختيار عليها عفيفة محتشمة ذات أخلاق فاضلة لا يُعرف عنها سفور أو تبرج بحيث لا يحجزها حياؤها عن إبراز مفاتن جسدها أمام كل ناظر فالنبي صلى الله عليه وسلم حذر من هذا الصنف وبيَّن أنهن من أهل النار.
1. فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياطٌ كأذناب البقر يضربون بها الناس
(إشارة إلي الحكام الظالمة)، ونساء كاسيات عاريات(1) مميلات(2) مائلات(3) رؤوسهن كأسنمة البُختِ(4)المائلة لا يدخلنَ الجنةَ ولا يجدنَ ريحها، وإن ريحها لتوجدُ من سيرة كذا وكذا "
2. فقد أخرج البيهقي وذكره الألباني في صحيحه عن أبي أذينه الصدفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" شر نسائكم المتبرجات المتخِّيلات وهن المنافقات لا يدخل الجنة منهم إلا مثل الغراب الأعصم".
E تنبيه:
ينبغي أن يحَّذر الشاب من الفتاة التي تلبس الحجاب لا لله ولكن من أجل الزواج فإنها إذا أرادت الحجاب لغير الله فإنها ستخلعه في أول ليلة أو أقرب فرصة، ومن هنا فإن علي خاطب المتبرجة أن يدقق ويحقق هل سترتدي مخطوبته الحجاب من أجل الله أم من أجله.
3. أخرج أبو داود والنسائي وذكره الحافظ في (بلوغ المرام) وقال رجالة ثقات كما ذكره ابن كثير في تفسير أول سورة النور وجوَّد إسناده أن ابن عباس قال:
" جاء رجل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن عندي أمرأة هي من أحب الناس إلي وهي لا ترد يد لامس قال: طلقها، قال: لا أصبر عنها، قال: أستمتع بها ".
(1) كاسيات عاريات: أي يلبسن ثياباً رقيقة تصف ما تحتها فهي في الظاهر كاسية وفي الحقيقة عارية.
(2) مميلات: يملن أعطافهنّ وأكتافهنَّ.
(3) مائلات: متبخترات في مشيتهنَ.
(4) أسنمة البُخت: أسنمة الجمل لما يضعنه في رؤوسهن من وصل الشعور ونفشها وتضخيم العمائم ووصفهم بأنهم منافقات.
§ قال ابن كثير:
المراد أن سَّجيتها لا تردَّ يدَ لامس لا أنّ هذا واقع منها وأنها تفعل الفاحشة، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأذن في مصاحبة من هذه صفتها فإن زوجها (والحالة هذه) يكون ديوثاً لكن لما كانت سجيتها هكذا ليس فيها ممانعة ولا مخالفة لمن أرادها(لو خلا بها) أمره الرسول صلى الله عليه وسلم بفراقها فلما ذكر له أنه يحبها أباح له البقاء معها لأن صحبته لها محققه وقوع الفاحشة منها متوّهم فلا يصار إلي الضرر العاجل لتوهم الأصل.
§ وقال ابن القيم في (روضة المحبين ص120):
أن الرجل لم يشك في المرأه أنها تزني ولو سأل عن ذلك لما أقره الرسول صلى الله عليه وسلم علي أن يقيم مع بغيٍ ويكون ديوثاً وإنما شكي إليه أنها لا تجذب نفسها ممن لاعبها ووضع يده عليها أو جذب ثوبها ونحو ذلك فإن من النساء من يلنّ عند الحديث واللعب ونحوه وهي حصان عفيفة إذا أراد منها الزنا وهذا كان عاده كثير من نساء العرب ولا يَعدّون ذلك عيباً.
وقال: وقد راعي النبي صلى الله عليه وسلم دفع احدي المفسدين بأدناهما فإنه لما شكا إليه أنه لا يصبر عنها ولعل حبه يدعوه إلي معصية أمره أن يمسكها مداومة لقلبه ودفعاً لمفسده التي يخافها باحتمال المفسدة التي شكا منها"
§ وقد رجح الحافظ ابن حجر في التلخيص:
أن قوله " لا ترد يد لامس"
أنها لا تمنع ممن يمدَّ يده ليتلذذ بلمسها ولو كان كنّي به عن الجماع لعدّ قاذفاً أو أن زوجها فَهِمَ من حالها أنها لا تمتنع ممن أراد منها الفاحشة لا أن ذلك وقع منها.
@ ومن مظاهر حِشمة المرأة وصونها وعدم ابتذالها:
1) عدم إكثار الخروج من بيتها وتجوالها بين الرجال في الأسواق ومجامع الطرق:
- فقد أخرج الترمذي وحسنه الأرناؤط في تخريج جامع الأصول عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" المرأة عوره إذا خرجت استشرفها(1)الشيطان".
2) عدم اعتراضها الرجال مستعطرة:
فقد اخرج أبو داود و الترمذي و صحبه الألباني في (غاية المرام) عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" أن المرأة إذا استعطرت فمَّرت علي قوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا يعني زانية".
3) أن لا تتشبه بالرجال في لبسها أو حركتها:
- فقد أخرج أبو داود وصححه الألباني في حجاب المرأه المسلمة عن أبي هريرة قال:
" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلَ يلبس لِبْسةَ المرأة والمرأة تلبس لِبْسَة الرجل"
- وهو عند البخاري من حديث عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما):
"لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال، وقال: أخرجوهم من بيوتكم فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلانه وأخرج عمر فلاناً".
4) أن لا تكون ممن يلبس ثياب شهرة:
- فقد أخرج أبو داود وأحمد وابن ماجة وصححه الألباني في غاية المرام عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من لبس ثوبَ شُهره ألبسه الله إياه يومَ القيامة ثم ألهبَ فيه النار ومن تشبه بقوم فهو منهم".
5) أن لا تكون ممن يتزين بالوشم أو الوصل أو تفليج الأسنان:
- فقد أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما):
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة(2) والواشمة والمستوشمه(3) ".
(1) استشرفها: أي تعرَّض لها واطلع عليها ينظر إليها يحاول غوايتها.
(2) الوصل: هو وصل الشعر بشعر آخر ليطول.
(3) الوشم: تغير لون الجلد بزرقة أو خضرة أو سواد وذلك بغرز الإبرة فيه وذرَّ النَّيلَج عليه حتى يزرق أثره أو يخضرَّ.
- وعند مسلم من حديث عبد الله بن مسعود قال:
" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن المتنمَّصات(1) والمتفلجات(2) والمستوشمات اللآتي يُغَّيرنَ خلق الله تعالى".
- أما الحديث الذي أخرجه الطبري عن امرأة أبي إسحاق:
" أنها دخلت علي عائشة وكانت شابة يعجبها الجمال فقالت المرأه: تحفّ.جبينها لزوجها؟ فقالت: أميطي عنك الأذى ما استطعت "(3)
- ورد قول من أستدل به علي جواز حفَّ الوجه وإزالة ما فيه من شعر للمرأة وقال:
إن ذلك خلاف ما تدل عليه الأحاديث بإطلاقها
وقال: إن ما ذهب إليه النووي من عدم جواز الحفّ خلافاً لبعض الحنابلة هو الذي يقتضيه التحقيق العلمي.
(1) النمص: نتف شعر الحاجب لترقيقه.
(2) الفلج: تباعد ما بين الثنايا.
المتفلّجة: التي تتكلف في فعل ذلك بصناعة وهو محبوب إلي العرب مستحسن إليهم فمن فعلت ذلك طلبا للحسن فهو مذموم.
(3) فهذا حديث ضعيف كما حكم عليه الألباني في (غاية المرام).
Ãوأحذر من هذا النوع من النساءÄ
1) التي لا تشكر زوجها:
- أخرج النسائي في عِشرة النساء (السنن الكبرى) والحاكم وذكره الألباني في الصحيحة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا ينظر الله إلي أمرآة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه "
- وليس الشكر باللسان فحسب ثم تؤذيه بمساوئ الأفعال والأقوال والأخلاق وإنما القصد إظهار السرور والراحة بالحياة في كنفه والقيام علي أموره وخدمته وعدم الشِكايه.
2) وأحذر من التي تكفر العشير (تنسي كل إحسان وفضل للزوج بسبب صدور شيء منه):
- أخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال:
" أنه لما خسفت الشمس علي عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد صلاته إني رأيت الجنة أو أُريت الجنة فتناولت منها عنقوداً ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الجنة ورأيت النار فلم أر كاليوم منظراً قط ورأيت أكثر أهلها النساء...
قالوا: لم يا رسول الله؟! قال: بكفرهن
قيل: يكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان
لو أحسنت إلي إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط ".
3) ألا يكون بها عيب منفر أو مرض ساري أو عِلة معدية:
فهذا أصل من أصول الشرع
أ- حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مالك في (الموطأ) وعند ابن ماجة والحاكم والبيهقي وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا ضرر ولا ضِرار".
ب- وعند البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يُورِدنّ مُمْرِضٌ علي مُصحّ ".
ج- وعند البخاري من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" فِرَّ من المجزوم كما تفر من الأسد "
? وقد ذكر العلماء عدداً من العيوب التي يُفسخُ بها الزواج:
(1) الجَبّ: مقطوع الذكر.
(2) والعُنَّه: مَن يُحبس عن الجماع، أي: ليس له قدرة علي الجماع.
(3) والبرص والجْذَام.
(4) القَرَن: انسداد الفرج.
(5) الفَتَق: إنخراق ما بين السبيلين.
(6) النَتَن: في الفرج والفم، والعفل.
(7) الجنون.
عيوب خاصة بالمرأة:
(1) الرتق: مسدودة الفرج لا يسلكه الذكر.
(2) القَرَن: لحم زائد ينبت في الفرج فيسده.
(3) العفل: ورم اللحمة التي بين مسلكي المرأة فيضيق منها فرجها.
(4) الفَتَق: إنخراق ما بين سبيليها (البول والمنى).
عيوب مشتركة بين الرجل والمرأة:
(1) الجنون: فقدان العقل.
(2) الجزام: قروح تصيب البدن وتتكاثر حتى يموت.
(3) البرص: بياض بالجلد يقبح صورته.
- ويدخل أيضاً الإيدز، الجرب، والسرطان وغير ذلك مما هو مثل أو أشد مما ذُكر.
§ قال ابن القيم كما في (زاد الميعاد):
إنَّ كلَّ عيب يُنفر أحدَ الزوجين من الآخر ولا يحصل به مقصودُ النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار
- وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم:
" تزوج أمرأة من بنى بَيَََاضَه فوجد بكشحها (1) بياضا ً(برصاً) فردها وقال: دلَّسْتُمْ علىّ "
(1) كشحها: خاصرتها.
à ملاحظات:
1. إذا كانت هناك عيوب خفية فلابد أن تذكر للطرف الآخر ولا يقال إنه لم يشترط السلامة من تلك العيوب لأن هذا من المتعارف عليه والمعروف عرفاً شرط.
2. إن رضي أحد الطرفين بالعيب سقط حقه في الفسخ.
3. هل تُمنع المرأة إذا رضيت بمن به عيب؟
الجواب:
لا يمنع الرجل ولا المرأة من الإقدام عليها إلا في الجنون والجذام وأشباههما.
4. العيوب التي يمكن علاجها وإزالتها – خاصة مع التقدم الطبي – كالرتق والقرن والفَتَق والباسور والناصور ونحو ذلك فإنه لا يثبت به الفسخ بشرط أن لا يطول العلاج بحيث تفوت مصلحة النكاح.
5. فسخ النكاح يكون بين الطرفين عند التراضي وأما إذا تنازعا فمرده إلي الحاكم (القضاء) وهذا ما قاله ابن تيميه (رحمه الله).
6. إن كان الفسخ قبل الدخول فلا مهر لها إن كان العيب فيها أو فيه، فإن كان العيب فيها رجع المهر علي من غره وهو الولي إن كان عالماً أو الزوجة إن كان الولي جاهلاً، أما إن كانت الزوجة هي الأخرى جاهلة كأن يكون برص في ظهرها مثلاً - فالأمر يحتاج إلي نظر.
- أخرج الإمام مالك في (الموطأ) والبيهقي والدارقطني وضعفه الألباني في (الأرواء) أن عمر قال:
" أيما أمرأة غَرّ بها رجل بها جنونٌ أو جذامٌ أو بَرَص فلها المهر بما أصاب منها وصداقُ الرجل علي من غَّره ".
7. وأخرج البيهقي وعبد الرزاق في المصنف وصححه الأرناؤط عن علي بن أبي طالب قال:
" أيما أمرأة نكحت وبها بَرَص أو جُذامٌ أو جنون أو قرن فزوجها بالخيار ما لم يمسَّها فلها المَهْرُ بما استحل من فرجها ".
§ قال مالك:
وإنما يكون ذلك غُرْماً علي وليها لزوجها إذا كان وليُّها الذي أنكحها هو أبوها أو أخوها أو من يرى أنه يعلم ذلك منها، أما إذا كان وليها الذي أنكحها ابنَ عمِ أو ابنَ العشيرة ممن يرى أنه لا يعلم ذلك منها فليس عليه غرم وترد تلك المرأة ما أخذته من صَداقها ويترك لها قَدْرَ ما تُسْتَحلُّ به.
8. أختلف العلماء في فسخ النكاح بالعيب علي أقوال:
×الأول: قال الظاهرية: لا يفسخ النكاح بعيب البتة.
×الثاني:
يفسخ بعيوب معينة واختلفوا في تحديد هذه العيوب:
§ الحنفية: (الجَبَّ والعُنّه فقط).
§ الشافعي ومالك:
(الجنون والبرص والقرن والجَبِّ والعُنة)
§ أحمد
ما سبق وزاد عليه الفتق واستطلاق البول والناسور والباصور والخصى (مقطوع الخصية) والسَّل
(مسلول الخصية) وكون أحدهما خنثي.
×الثالث:
كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة فإنه يوجب الخيار كما قال ابن القيم ثم استطرد قائلً:
وأما من قال بالاقتصار علي عيبين أو ستة أو سبعة أو ثمانية دون ما هو أولي منها أو مساوٍ لها فلا وجه له فالعمى والخرس والطرش وكونها مقطوعة اليدين أو الرجلين أو إحداهما من أعظم المنفرات والسكوت عنه من أقبح التدليس والغش وهو منافٍ للدين والإطلاق (بدون تقيد بعدد معين من العيوب) إنما ينصرف إلي السلامة فهو كالمشروع عرفاً.
§ وقال أيضاً كما في (زاد الميعاد):
ومن تأمل فتاوى الصحابة والسلف علم أنهم لم يخصوا الرد بعيب دون عيب.
وهذا ما رجحه أيضاً ابن عثيمين في (الشرح الممتع).
Ãوبهذا سنضطر للتعرض إلي مسألة الفحص الطبي قبل الزواج من ناحية الشرع:
إن الفحص الطبي أمر أستجد في هذا العصر الذي أنحدر فيه مستوى الأمانة والصدق في الإخبار عن معايب النفس الجسدية والنفسية قبل الإقدام علي الزواج، فتتخذ الإحتياطات الطبية للتأكد من سلامة الزوجين، بحيث يقدم المقبلون علي الزواج علي عمل الفحوصات التي تعني بمعرفة الأمراض الوراثية والمعدية والجنسية والعادات اليومية التي ستؤثر مستقبلاً علي صحة الزوجين المؤهلين، أو علي الأطفال عند الإنجاب.
الرأي الطبي في هذا الفحص:
أبرز الرأي الطبي أن لمسالة الفحص الطبي قبل الزواج سلبيات وإيجابيات يمكن تلخيصها فيما يلي:
أ- إيجابيات الفحص الطبي:
1. تعتبر الفحوص الطبية قبل الزواج من الوسائل الوقائية الفعالة جداً في الحد من الأمراض الو راثية والمعدية الخطيرة.
2. تشكّل حماية للمجتمع من انتشار الأمراض والحد منها والتقليل من نِسَبْ المعاقين في المجتمع وبالتالي من التأثير المالي والإنساني علي المجتمع.
3. محاولة ضمان إنجاب أطفال أصحاء سليمين عقلياً وجسدياً وعدم انتقال الأمراض الوراثية التي يحملها الخاطبان أو أحدهما إليهم.
4. تحديد قابلية الزوجين المؤهلين للإنجاب من عدمه إلي حد علماً بأن وجود أسباب العقم في أحد الزوجين قد يكون من أهم أسباب التنازع والاختلاف بين الزوجين.
5. التأكد من عدم وجود عيوب عضوية أو فسيولوجية مَرَضية تقف أمام الهدف المشروع لكل من الزوجين من ممارسة العلاقة الجنسية السليمة منهما.
6. التحقق من عدم وجود أمراض مزمنة مؤثرة علي مواصلة الحياة بعد الزواج مما له دور في إرباك استقرار الحياة الزوجية.
7. ضمان عدم تضرر صحة كل من الخاطبين نتيجة معاشرة الأخر جنسياً وعدم تضرر المرأة أثناء الحمل وبعد الولادة نتيجة اقترانها بالزوج المأمول.
ب- سلبيات الفحص الطبي:
1. قد يؤدي هذا الفحص إلي الإحباط الاجتماعي كما لو أثبتت الفحوصات أن هناك احتمالاً لإصابة المرأة بالعقم أو بسرطان الثدي وأطلع علي ذلك الآخرون مما يسبب لها ضرراً نفسياً واجتماعيا، وفي هذا قضاء علي مستقبلها خاصة أن الأمور الطبية تخطئ وتصيب.
2. يجعل هذا الفحص حياة بعض الناس قلقة ومكتئبة ويائسة إذا ما تم إخبار الشخص بأنه سيصاب بمرض عُضال لا شفاء له.
3. ثم تبقي نتائج التحليل احتمالية في العديد من الأمراض وهي ليست دليلاً صادقاً لاكتشاف الأمراض المستقبلية.
4. قد تحرم هذه الفحوصات البعض من فرصة الارتباط بزواج نتيجة فحوصات قد لا تكون أكيدة.
5. ثم قلما يخلو إنسان من أمراض خاصة إذا علمنا أن الأمراض الوراثية التي صنفت تبلغ أكثر من 3000 مرض وراثي.
6. أن التسرُّع في إعطاء المشورة الصحية في الفحص يسبب من المشاكل بقدر ما يحلها.
7. وقد يُساء للأشخاص المُقدِمين علي الفحص بإفشاء معلومات الفحص واستخدامها استخداما ضاراً (أنظر مستجدات فقهية لأسامة الأشقر).
· فهذا هو ملخص الرأي الطبي في عملية الفحص الطبي قبل الزواج.
•س: فما هو موقف الشريعة من ذلك؟ وهل يجوز إلزام المقبلين علي الزواج بإجرائه؟
× الرأي الشرعي في الفحص الطبي قبل الزواج:
لا شك أنه لم تكن هناك حاجة لبحث هذه المسألة قديماً، لما تميز به المسلمون الأولون من الأمانة في الإخبار عن العيوب ولعدم وجود التقدم العلمي الذي يمكنهم من إجراء هذا الفحص من جهة أخرى وأما العلماء المعاصرون فلهم في هذه المسألة اتجاهان:
×الاتجاه الأول:
منع هذا الفحص وأنه لا حاجة إليه وممن رأى هذا العلاّمة ابن باز (رحمه الله) ومأخذه أنه ينافي إحسان الظن بالله وأن هذا الفحص قد يعطي نتائج غير صحيحة (1).
(1) جريدة المسلمون العدد597/ 12 يوليو 1996.
×الاتجاه الثاني:
أنه جائز ولا يتعارض مع الشريعة الإسلامية وبهذ