واحة البلباليين(كوراكيو)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


تبلبالة ( الجنة الضائعة وبلسم الجروح ) أين المكان الجديد الذي تجد فيه أفكاراً جديدة تساعدك على الإبداع ؟.
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تفسير اية الكرسي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الســاعية الى مرضات الله

الســاعية الى مرضات الله


المساهمات : 334
تاريخ التسجيل : 06/11/2010
العمر : 33

تفسير اية الكرسي Empty
مُساهمةموضوع: تفسير اية الكرسي   تفسير اية الكرسي Emptyالخميس نوفمبر 18, 2010 6:22 am

تفسير آية الكرسي

قناة قطر – رفيق الدرب 1428هـ

) اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو (

لفظ الجلالة } Q { علم على الذات الإلهية ، وهو اسم تفرد به الله سبحانه واختصه لنفسه ، ووصف به ذاته ، وقدمه على جميع أسمائه ، وأضاف صفاته كلها إليه 0

قال I : } رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا {

أى هل تعلم أحداً اسمه الله غير الله ؟ أو اسماً غير ماسمى به نفسه ؟

أو هل تعلم أحداً يستحق كمال الأسماء والصفات ما يستحقه الله ويتصف به حقيقة .

أو هل تعلم اسماً هو أعظم من هذا الإسم المفرد [1].

) اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو (

لارب غيره ولامعبود سواه وهو سبحانه المتفرد بالربوبية والألوهية . وتوحيد الله تعالى هو أساس العقيدة الصحيحة ، ودعوة جميع الأنبياء عليهم السلام من آدم u وحتى خاتم النبيين والمرسلين r .

قال تعالى ) وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إلا أَنَا فاعبدون { [الأنبياء 25] وقال U ) يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُون ( [النحل2 .

ولقد قسم العلماء التوحيد إلى أقسام ثلاثة : -

أولها : توحيد الربوبية :

وهو الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى رب كل شيئ فلا رب غيره 0

قال تعالى) إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّة أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْق وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ( [سورة الأعراف54 ]

وقال تعالى : ) قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِج الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَفَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ {31} فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32) ( [سورة يونس ].

فالخالق الرازق المدبر المحي المميت المليك المقتدر هو الله .

الثانى : توحيد الألوهية :

وهو الاعتقاد الجازم بأنه تعالى الإله الحق المستحق لجمع العبادات الظاهرة و الباطنة ، المتفرد بها فلا معبود إلا هو 0

الثالث : توحيد الأسماء والصفات

أما توحيد الأسماء فيقتضي الإيمان بما عليه كل اسم من معنى ، وما يتعلق به من آثار.

قال تعالى في سورة الأعراف (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {180} )

وقال U في سورة الإسراء { قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً {110}

وقال U في سورة طه } اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى {8} { .

وقال e ( إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة }.

وأسماء الله تعالى ليست منحصرة في التسعة و التسعين اسما ولكن لله عز وجل أسماء أخرى غير تلك الأسماء ، دل على ذلك الحديث الذى رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو يعلى والطبرانى من حديث ابن مسعود t عن رسول الله e قال ( ما أصاب أحدًا قط هم ولاحزن فقال اللهم إنى عبدك وابن عبدك وابن أمتك نا صيتى بيدك ، ماض في حكمك عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أواستأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبى ونور صدرى وجلاء حزنى و ذهاب همى : إلا أذهب الله حزنه و همه وأبدله مكانه فرحا-

– وأما توحيد الصفات فيقتضى الإيمان بها بلا تعطيل أو تشبيه بالحوادث وتفويض علم كيفيتها لله تعالى فهو تعالى أعلم بنفسه منا ، و الإيمان بعدم وجود صفتين لله تعالى من جنس واحد كقدرتبن و إرادتين

– وأما توحيد الأفعال فمعناه عدم وجود فعل لأحد غيره يشبه فعله تعالى قال تعالى } ليس كمثله شئ وهو السميع البصير { سورة الشورى : 11 .

وقال تعالى } قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد { .

وكلمة التوحيد ( لا إله إلا الله ) متضمنة لجميع أنواع التوحيد ، لأن معناها توحيد الله في ألوهيته الذى يتضمن توحيد الله في ربوبيته وأسمائه وصفاته

} الحي { :

من له الحياة الأزلية الأبدية الكاملة الذاتية ، التي لم تسبق بعدم ولاتعقب بفناء0

قال الإمام الطبري في تفسيره{ (الحى) الذى له الحياة الدائمة والبقاء الذى لا أول له ولا آخر له بأمد إذ كل ما سواه فإنه وإن كان حيا فلحياته أول محدود وآخر ممدود ينقطع بانقطاع أمدها وينقضي بانقضاء غايتها }0

{ الحى : الذىله جميع معانى الحياة الكاملة من السمع و البصر والعلم و القدرة والإرادة و غيرها 000} [2]

ومن هنا فهناك فارق بين حياة المخلوق وحياة الخالق ، فحياة الله تعالى ذاتية ، وحياة جميع المخلوقات من الله تعالى، وحياة الله تعالى أزلية ، وحياة المخلوقات حادثة ، وحياة الله تعالى لاتفارقه وحياة المخلوقات لاتلازمها ، وحياة الله تعالى لاحد لها ولاأمد لها ولامنتهى لها ، وحياة المخلوقات محدودة منتهية بانتهاء الآجال .

وحظ العبد من هذا الاسم أن يعمل للحياة الحقيقية ، الحياة الباقية ، في الدار الآخرة قال تعالى في سورة العنكبوت } وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ {64} { وقال تعالى في سورة الفجر } يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى {23] يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي {24} { 0 ولا سبيل إلى هذه الحياة الحقيقية الحياة الهادئة الهانئة الراضية المرضية الحياة الطيبة التى لاسبيل إليها إلا بالاستجابة لنداء الحق .

قال تعالى } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُم { [سورة الأنفال 24]

وقال U } مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون { [سورة النحل 96 ]

وعن معنى الحياة الطيبة يقول الإمام ابن القيم في كتابه مدارج السالكين [ وقد فسرت الحياة الطيبة بالقناعة والرضا والرزق الحسن وغير ذلك والصواب أنها حياة القلب ونعيمه ، وبهجته وسروره بالإيمان ومعرفة الله ، ومحبته ، والإنابة إليه والتوكل عليه ، فإنه لاحياة أطيب من حياة صاحبها ولا نعيم فو ق نعيمه إلا نعيم الجنة ،كما كان بعض العارفين يقول :إنه لتمر بي أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب وقال غيره : إنه ليمر بالقلب أوقات يرقص فيها طرباً ، وإذا كانت حياة القلب حياة طيبة تبعته حياة الجوارح فإنه ملكها ، ولهذا جعل الله الحياة الضنك لمن أعرض عن ذكره ، وهي عكس الحياة الطيبة ]

ومن الأشياء المجربة أن من داوم على ذكر ( يا حي يا قيوم ) أورثه ذلك حياة القلب وصفاءه وحياة العقل وتوقده 0

} القيوم {

صيغة مبالغة من قام يقوم قياما ، فهو قيووم على وزن فيعول اجتمعت الياء والواو في الكلمة وكانت الأولى منهما ساكنة فقلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء في الياء 0

قال أمية بن أبي الصلت :

لم تخلق السماء والنجوم والشمس معها قمر يعوم

قدره المهيمن القيوم والجسر والجنة والجحيم

إلا لأمر شأنه عظيم [3] .

والله تعالى هو } القيوم { القائم بذاته ، المقيم لغيره 0

قال ابن عباس { القيوم } الذي لايزول ولايحول ، وقال مجاهد { القيوم } القائم على كل شئ .

وقال قتادة { القيوم } القائم بتدبير خلقه ، وقال الحسن { القيوم } القائم على كل نفس بما كسبت حتى يجازيها بعملها من حيث هو عالم به لا يخفي عليه شئ منه [4] 0

وقال الإمام الراغب [ (القيوم )أى القائم الحافظ لكل شىء والمعطى له ما به قوامه ] [5]0

وقال الإمام الطبري ( القيوم ) يطلق لمجموع اعتبارين : أحدهما أنه لا يفتقر في قوامه إلي غيره ؛ الثاني : أن غيره يفتقد في قوامه إليه فلا وجود ولا بقاء لغيره تعالى إلا به ) [6]0

و يقول صاحب الظلال ( 0000أما صفة القيوم : فتعني قيامه سبحانه و تعالي علي كل موجود؛ كما تعني قيام كل موجود به ؛ فلا قيام لشىء إلا مرتكزا إلي وجوده وتدبيره 000و إرادته تعالى 000ومن ثم يظل ضمير المسلم و حياته ووجوده ووجود كل شئ مرتبطا بالله الواحد ؛ الذي يصرف أمره وأمر كل شئ حوله ؛ وفق حكمه وتدبيره ؛فيلتزم الإنسان بالمنهج المرسوم القائم علي الحكمة و التدبير؛ و يستمد منه قيمه وموازينه و يراقبه وهو يستخدم هذه القيم و الموازين )[7]

وحظ العبد من الاسم أيضا أن يستغني بالله عن كل ما سواه فالله تعالي هو القائم علي كل نفس يكلؤها ويحفظها و يرزقها وأن يراقب الله U في كل عمل 0

} لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ {

هذه الجملة تقرير لكمال حياته تعالى وقيوميته ، لأن السنة والنوم إنما يعرضان للمخلوق ، الذي يعتريه الضعف والعجز والزوال ، ولايعرضان لذي العظمة والكبرياء والجلال ، ولأن النائم لا يستطيع حفظ شئ حيال نومه ، والنوم تغير وانتقال من حال إلى حال والله U لايتغير لأن التغير من صفات الحوادث والله تعالى } ليس كمثله شئ وهو السميع البصير { سورة الشورى :11 0

روى الإمام مسلم في صحيحه والإمام أحمد في مسنده و ابن ماجة في السنن والبغوى في تفسيره عن أبى موسى الأشعرى t قال قام فينا رسول الله e بخمس كلمات فقال إن الله لا ينام ولا ينبغى له أن ينام ولكنه يخفض القسط ويرفع ، إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل ، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه }

والسِّنة أصلها من الفعل وسن يسن ، حذفت الفاء من المضارع ومن المصدر كما يقال : عدة - بكسر العين ، والسنة : النعاس ، والنعاس ما يتقدم النوم من الفتور وانطباق العين فإذا صار في القلب صار نوما 0

قال الشاعر : وسنان أقصده النعاس فرنّقت في عينه سنة وليس بنائم

أما النوم فقيل هو‍‌" حال يعرض للحيوان من استرخاء أعصاب الدماغ من رطوبات الأبخرة المتصاعدة بحيث تقف الحواس الظاهرة عن الإحساس رأسا" [8]، وقيل هو" فتور يعترى أعصاب الدماغ من تعب أعمال الأعصاب ومن تصاعد الأبخرة البدنية الناشئة عن الهضم والعمل العصببى فيشتد عند مغيب الشمس ومجيىء الظلمة ، فيطلب الدماغ و الجهاز العصبى الذى يديره الدماغ استراحة طبيعية فيغيب الحس شيئاً فشيئاً وتثقل حركة الأعضاء ، ثم يغيب الحس إلى أن تسترجع الأعصاب نشاطها فتكون اليقظة " [9]وقيل هو الغشية الثقيلة التى تهجم على القلب فتقطعه عن معرفة الأمور

وفي الميزان للطباطبائى : " النوم هو الركود الذى يأخذ الحيوان لعوامل طبيعية تحدث في بدنه" [10]

وهذه الأقوال التى ذكرها المفسرون مرجعها إلى ما ذكره الفلاسفة والأطباء ،فهذا أبقراط يرى أن النوم ينشأ عن انسحاب الدم والدفء إلى المناطق الداخلية من الجسم ،

وهذا الفيلسوف اليونانى أرسطو يرجع السبب المباشر في النوم إلى الطعام الذى نتناوله والذى يطلق أبخرة وأدخنة في العروق ولقد أضاف الإسكندر الافروديس إلى ما ذكره أرسطو : أن التعب الذى يحل بالجسم

يؤدي إلى أن يجف الجسم ويفقده حرارته وبذلك ينتهى الأمر إلى النوم000 بينما يرى الكسندرفون همبولت : أن النوم ينشأ عن نقص في الأكسجين ، لكن العالم الألمانى فلهلم برايير : يرى أن التعب يخلق مواد كيميائية في جسم الإنسان من شأنها أن تمتص الأكسجين من الجسم الأمر الذى يتسبب في حرمان المخ من الأكسجين اللازم له من أجل أداء أعماله و نشاطه 0

هذا ورغم التقدم العلمى الهائل والإمكانيات العلمية العظيمة والمراكز والمختبرات العلمية المنتشرة في أرجاء العالم والأبحاث والدراسات والتجارب عن النوم رغم هذا كله فمازال سرًا غامضًا على البشرية وهى في أوج تقدمها وازدهارها العلمي ، إن تلك الدراسات والأبحاث التي تنفق عليها الملايين ويقضي العلماء فيها السنين والسنين ويحصلون من خلالها على الدرجات العلمية والأوسمة والجوائز العلمية لا تتعدى كونها مجرد تسجيل لظواهر وملاحظات تحدث قبل الاستعداد للنوم وأثناء النوم وعند الاستيقاظ منه ، كما أن تلك الدراسات والبحوث متعلقة بما يتصل بالنوم من أمور حسية ، أما الروح فلا علم لهم بها ، ومن هنا فإن النوم إلى الآن وحتى يرث الله الأرض ومن عليها سيظل سرا من أسرار الله تعالى في هذا الوجود .

كما أن الروح سر من الأسرار التي لا نعلمها ولا سبيل لنا إلى معرفة حقيقتها ، وصدق المولى U إذ يقول :- } وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }85{ { [سورة الإسراء ] وقال جل وعلا } اللَّهُ يَتَوَفي الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {42}سورة الزمر {

وقال سبحانه } وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ {23} [سورة الروم ]{

فالنوم آية من آيات الله تدل على قدرته ، ونعمة من نعمه تدل على فضله ورحمته ، وسر من أسراره في خليقته يدل على سعة علمه وبالغ حكمته 0

فإن قيل : ما السر في تقديم السنة على النوم مع أن الترقي في النفي من الأقوى إلى الأضعف ومن الأكثر إلى الأقل ، كما نقول لا يقدر فلان على ضرب خمسة رجال ولا واحدا ، كما أن الترقي في الإثبات يكون من الأقل إلى الأكثر ومن الأضعف الى الأقوى ؟

قلنا للمفسرين في ذلك أجوبة متنوعة :-

قال بعضهم : إنما قدم السنة على النوم اعتبارا للترتيب الزمني لأن السنة تسبق النوم

وقال الرازي : { تقدير الآية { لا تأخذه سنة فضلا عن أن يأخذه النوم } [11]

وقال الإمام البقاعي : { لما عبر بالأخذ الذي هو بمعنى القهر والغلبة وجب تقديم السنة كما لو قيل فلان لا يغلبه أمير ولا سلطان 0

وفي عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ { … وإنما جمع بين نفييهما لأنه لا يلزم من نفي أحدهما نفي الآخر ، إذ يتصور مجيء النوم دفعة من غير مبادئ الوسن ، ومجىء الوسن دون النوم فلذلك نفي كل واحد منهما على حدته بدليل تكرير ( لا ) }[12]

وقال الشيخ محمد عبده : { إن ما ذكر في النظم الكريم ترق في نفي هذا النقض ، ومن قال بعدم الترقي فقد غفل عن معنى الأخذ وهو الغلبة والاستيلاء ، ومن لا تغلبه السنة فقد يغلبه النوم لأنه أقوى ، فذكر النوم بعد السنة ترق من نفي الأضعف إلى نفي الأقوى }

و{ لا } في قوله تعالى { ولا نوم } لتأكيد النفي ، ولبيان انتفاء كل واحد منهما ولو لم تذكر لاحتمل نفيهما بقيد الاجتماع ، وبناء عليه فلا يلزم منه نفي كل واحد منهما على حدته ، ولذلك تقول : ما قام زيد وعمرو بل أحدهما ، ولا تقول : ما قام زيد ولا عمرو بل أحدهما [13]

موعظة بليغة *

تعلق قلب رجل بامرأة بدوية وقد ذهبت ذات ليلة إلى حاجة لها فتبعها الرجل فلما خلا بها في البادية والناس نيام راودها عن نفسها ، فقالت له انظر أنام الناس جميعاً ففرح الرجل وظن أنها قد أجابته إلى ما ابتغاه فقام وطاف حول مضارب الحى فإذا الناس نيام فرجع مسروراً وأخبرها بخلو المكان إلا من النيام ، فقالت ما تقول في الله تبارك وتعالى ؟ أنائم هو في هذه الساعة ؟ قال الرجل إن الله لاينام ولا تأخذه سنة ، فقالت المرأة إن الذى لم ينم ولا ينام ويرانا وإن كان الخلق لا يرون فذلك أولى أن نخشاه ، فاتعظ الرجل وتركها وتاب خوفاً من الله تعالى : ولما مات رئى في المنام فقيل له ما فعل الله بك فقال غفر لى لخوفي منه وتوبتى إليه .

وصدق من قال: وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلا العصيان

فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني

} لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ {

خلقا وملكا وتصريفا وتدبيرا ، فهو سبحانه المتفرد بالألوهية لأنه الخالق الرازق المالك المصرف ، وكل ما سواه عبيد له .

قال صاحب المنار [ له ما في السموات وما في الأرض ] فهم ملكه وعبيده ، مقهورون لسنته ، خاضعون لمشيئته ، وهو وحده المصرف لشؤونهم والحافظ لوجودهم [14]

وذكر هنا المظروف دون الظرف اكتفاء بما ذكر في مواضع أخرى من أن السموات والأرض مخلوقة مملوكة له عز وجل [15]، ورد على الذين عبدوا آلهة من دون الله U كالذين عبدوا الشمس أو القمر أو الحجر أو الشجر أو النار أو الماء أو الجن أو أحدا من المخلوقات المملوكة لله U والتي لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا.

وفي حاشية الصاوي: [ ولا نزاع في كون السموات والأرض ملكا لله قال تعالى { ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم } سورة الزخرف 9 ] [16]وفي ذلك رد على الكفار حيث زعموا أن له شريكا فكأن الله يقول لهم : ما أشركتموه لا يخرج عن السموات والأرض وشأن الشريك أن يكون مستقلا خارجا عن مملكة الشريك الآخر .

قال صاحب فتح البيان : [ وأجري الغالب مجري الكل فعبر عنه بلفظ ( ما ) دون ( من ) وفيه رد على المشركين الذين عبدوا الكواكب التي في السماء والأصنام التي في الأرض فلا تصلح أن تعبد لأنها مملوكة مخلوقة له ].

} مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ {

فلا شفاعة إلا بإذنه ورضاه فالأمر أمره والحكم حكم الله U ، والشفاعة هي طلب الخير للغير من الغير وأصلها من الشفع ، والشفع كما ورد في لسان العرب : خلاف الوتر وهو الزوج ، تقول كان وترا فشفعته شفعا أي صيرته زوجا ، وشفع لي يشفع شفاعة وتشفع : طلب ، والشفيع : الشافع ، والجمع : شفعاء … والشفاعة : كلام الشفيع للملك في حاجة يسألها لغيره .

قال الإمام الراغب في المفردات [ والشفاعة من الشفع وهو ضم الشىء إلى مثله ، والشفاعة والانضمام إلى آخر ناصر له وسائل عنه وأكثر ما يستعمل في انضمام ما هو أعلى مرتبة وحرمة إلى ما هو أدنى ومنه الشفاعة في القيامة ] [17] .

وقال الحرالي [وحقيقة الشفاعة : وصلة بين الشفيع والمشفوع له لمزية وصلة بين الشفيع والمشفوع عنده ]

والشفاعة قسمان :

الشفاعة في الدنيا : وهي اتخاذ الوسائط عند أصحاب الجاه والسلطان في قضاء الحوائج ورد الحقوق لأصحابها وهي جائزة ما دامت تلك الحاجة مشروعة.

قال تعالى { من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيئ مقيتا } سورة النساء 85 .

وفي الحديث الصحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه السائل، أو طلبت إليه حاجة، قال: (اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء).

والشفاعة في الآخرة : وهي مختلفة اختلافا كبيرا عن الشفاعة في الدنيا كما سيتضح لنا من أنواعها .

النوع الأول : الشفاعة العظمى أو العامة وهي مخصصة بالحبيب المصطفي e .

روى البخاري في صحيحه بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم، فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة ثم قال: (أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذلك؟ يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون ما قد بلغكم، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: عليكم بآدم، فيأتون آدم عليه السلام فيقولون له: أنت أبو البشر،[18] خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه، ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح، إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سماك الله عبدا شكورا، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي عز وجل قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم، أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات – فذكرهن أبو حيان في الحديث – نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى فيقولون: يا موسى، أنت رسول الله، فضلك الله برسالته وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى، أنت رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وكلمت الناس في المهد صبيا، اشفع لنا، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله قط، ولن يغضب بعده مثله - ولم يذكر ذنبا - نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم. فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم فيقولون: يا محمد أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق فآتي تحت العرش، فأقع ساجدا لربي عز وجل، ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: أمتي يا رب، أمتي يا رب، فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، ثم قال: والذي نفسي بيده، إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وحمير، أو: كما بين مكة وبصرى)

النوع الثاني : شفاعته لنوع من العصاة من أمته قد استوجبوا دخول النار بذنوبهم فيشفع لهم في الخروج منها :

روى البخاري عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يخرج قوم من النار بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم. فيدخلون الجنة، ويسمون الجهنميين".[19]

وفي الصحيحين عن حماد بن زيد قال: قلت لعمرو بن دينار: أسمعت جابر بن عبد الله يحدث بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله يخرج قوماً من النار بالشفاعة؟ قال: نعم"

النوع الثالث : شفاعته في عمه أبي طالب أن يخفف عنه الله من العذاب يوم القيامة ، وهذه خصوصية للرسول ( خصه الله تعالى بها وذلك لأن الأصل أن الكافر لا شفاعة له 0

عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أغنيت عن عمك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: (هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار

النوع الرابع : شفاعة الأنبياء والملائكة والعلماء والشهداء قال تعالى } وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى { النجم 26

وقال تعالى { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُون} الأنبياء 28 .

وقال تعالى } لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا { مريم 87

فلا شفاعة إلا بإذن من الله تعالى { ولايأذن تعالى لأحد أن يشفع إلا فيمن إرتضى ، ولايرتضي تعالى إلا توحيده واتباع رسله فمن لا يوصف بهذا فليس له في الشفاعة نصيب

روى الترمذي وغيره : عن المِقْدَامِ بنِ مَعْدِ يكَرِبَ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "للشّهِيدِ عندَ الله سِتّ خِصَالٍ: يُغْفَرُ لَهُ في أَوّلِ دُفْعَةٍ ويرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنّةِ، ويُجَارُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَيَأْمَنُ مِنَ الفَزَعِ الأكْبَرِ، وَيُوضَعُ على رأْسِهِ تَاجُ الوَقَارِ، اليَاقُوتَةُ منها خَيْرٌ مِنَ الدّنْيَا وما فيها، ويُزَوّجُ اثْنَتَيْنِ وسْبعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ (الْعِينِ) ، وَيُشَفّعُ في سَبْعِينَ مِنْ أقَارِبِهِ

كما ورد في الحديث الصحيح أيضا أن الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي ربي منعته الطعام والشراب طول النهار فشفعني فيه ويقول القرآن أي ربي منعته النوم طول الليل فشفعني فيه ، قال فيشفعان }[20] أي فتقبل شفاعتهما0

وقوله تعالى [ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ] استفهام إنكاري ؛ حيث زعموا أن الأصنام وغيرها من الأشياء التي عبدوها : تشفع لهم عند الله

واختلفوا في متعلق{ عند } فقيل متعلق ب { يشفع } وقيل متعلق بحال محذوف تقديره { من ذا الذي يشفع } كائنا أو مستقرا { عنده } والمعنى على هذا الوجه إذا لم يشفع عنده من هو عنده وقريب منه إلا بإذنه فشفاعة غيره أبعد 0

والشفاعة المنفية : هي شفاعة الآلهة المزعومة التي عبدت من دون الله تعالى . قال تعالى في سورة الزمر {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ {43} قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {44}. }

والشفاعة للكفار : فلا شفاعة لكافر في دخول الجنة لأن الجنة محرمة على الكافرين قال تعالى في سورة المدثر عن أحوال الكفار في الآخرة { فما تنفعهم شفاعة الشافعين } 48 ) 0

والشفاعة بدون إذن الله تعالى ورضاه : فلا شفاعة إلا بإذنه ورضاه قال تعالى} وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى { النجم 26 . وقال تعالى { يومئذ لاتنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا } طه

} يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ {

{ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم } { ما بين أيديهم } ما قبل خلقهم { وما خلفهم } ما بعد موتهم ، وقيل : {ما بين أيديهم } ما أظهروه { وما خلفهم } ما كتموه وقيل { ما بين أيديهم } : يعني الآخرة لأنهم يقدمون عليها ، { وما خلفهم } : الدنيا لأنهم يخلفونها وراء ظهورهم.

وقيل { ما بين أيديهم } ما فعلوه من خير وشر { وما خلفهم } ما يفعلونه بعد ذلك ، وقيل ( ما بين أيديهم) ما قدموا من أعمال { وما خلفهم } ما أضاعوا من أعمالهم [21] وقيل المراد { بين أيديهم وما خلفهم } ما هو ملاحظ لهم من المعلومات ما خفي عنهم أو ذهلوا عنه منها وقيل ما بين أيديهم المحسوسات المشاهدة ، وما خلفهم المعقولات الغيبية وكل هذه الأقوال محتملة ]

والمراد أنه سبحانه عالم بما كان قبلهم وبما كان بعدهم عالم بما خطر لهم وبما خفي عنهم عالم بما فعلوه وبما لا يفعلوه ، عالم بأمور الدنيا وأمور الآخرة عالم بالغيب والشهادة فسبحان من وسع كل شئ علما وأحاط بكل شئ قدرا .

ومن ألوان البلاغة في هذه الآية الكريمة :حسن التقسيم والاكتفاء ذلك أن الأزمنة ثلاثة :الحاضر والماضي والمستقبل ، وقد اجتمعت في قوله تعالى في سورة مريم } لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا 62{ واكتفت آية الكرسي بالإشارة إلى الماضي والمستقبل ذلك لأن الحاضر معلوم من باب أولى ، كما أن الحاضر خط دقيق يفصل بين الماضي والمستقبل 0

} وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء {

: يقال لكل من أحرز شيئا أو بلغ علمه أقصاه قد أحاط به .

أي : لا يعلمون شيئا من معلوماته إلا بما أراد أن يعلمهم به ، فهو سبحانه المحيط بكل ما كان وما هو كائن وبما سيكون ،

وهذا كقول الخضر لموسى u حين نقر العصفور في البحر ما نقص علمي وعلمك من علم الله تعالى إلا كما نقص هذا العصفور من ماء البحر

والمعنى لا معلوم لأحد إلا ما شاء الله أن يعلمه قال تعالى { قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا } سورة الكهف : 109.

وصلة قوله تعالى { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء } بقوله تعالى من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } أنه سبحانه عالم بأحوال الشفعاء ومن يشفعون له ومن تقبل شفاعته .

( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ) : فلا يخرج عن علمه معلوم ، و(لا) تقدير لما تضمنته الجمل السابقة من بيان عظمة الله وقدرته وجلاله ، ببيان عظمة مخلوقاته وسعة ملكه وفي ذلك ما يدل على عظمة شأنه U 0 قال الإمام القرطبي : وهذه الآية منبئة عن عظم مخلوقات الله تعالى ، ويستفاد من ذلك عظمة قدرته تعالى ، إذ لا يؤوده حفظ هذا الأمر العظيم [22]وسع فلان الشئ يسعه سعة : إذا احتمله وأطاقه ، وأمكنه القيام به0

والكرسي جسم بين يدي العرش أعظم من السموات السبع والأرضين ودون العرش .

وفي تفسير ابن جزي الكلبي { الكرسي مخلوق عظيم بين يدي العرش وهو أعظم من السموات والأرض وهو بالنسبة للعرش كأصغر شئ

روى الإمام الطبري في تفسيره والبيهقي في الأسماء والصفات وغيرهما عن أبي ذر t أنه سأل النبي r عن الكرسي : فقال { ياأبا ذر ماالسموات السبع والأرضين السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ]

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : { إن السموات السبع في الكرسي كدراهم سبعة ألقيت في ترس 0

* وذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بالكرسى : العرش0أورد ابن جرير هذا الرأى وعزاه إلى الحسن وسعيد بن جبير وقال ابن كثير [23]{وروى ابن جرير عن الحسن البصرى أنه كان يقول الكرسى هو العرش ،والصحيح أن الكرسى غير العرش ،والعرش أكبر منه كما دلت على ذلك الآثار والأخبار 0

* وقيل ( وسع كرسيه ) أى وسع علمه ،فالكرسى مجاز عن العلم من تسمية الشئ بمكانه 0لأن الكرسى مكان العالم الذى يحمل العلم ،فيكون مكانا للعلم بالتبعية ،لأن العرض يتبع المحل في التحيز ،قال ابن عباس ( كرسيه ) علمه، ورجحه الطبرى وقال : ومنه الكرّاسة التى تضم العلم ومنه قيل للعلماء الكراسىّ ، لأنهم المعتمد عليهم

كما قال الشاعر :

يحف بهم بيض الوجوه وعصبة كراسى بالأحداث حين تنوب

أى علماء بحوادث الأمور

* وقيل ( كرسيه ) قدرته التى يمسك بها السموات و الأرض كما تقول : اجعل لهذا الحائط كرسيا أى ما يثبته ويدعمه

والذى أرجحه في تفسير الكرسى ما ذكرته أوّلا : وهو أنه جسم عظيم فوق السموات ودون العرش لما ورد في الأحاديث الصحيحة التي دلت على ذلك واختار هذا الرأي جمع من أعلام المفسرين كابن كثير وابن عطية و الرازي وأبي السعود والألوسي والشوكاني والبروسوي وغيرهم .

قال ابن كثير { والصحيح أن الكرسي غير العرش والعرش أكبر منه كما دلت على ذلك الآثار والأخبار ]

وقال ابن عطية [ والذي تقتضيه الأحاديث أن الكرسي مخلوق عظيم بين يدي العرش ، والعرش أعظم منه ]00

وقال الإمام الرازي بعد أن أورد أقوالا متعددة في المراد بالكرسي [ والمعتمد هو الأول ] يعني أنه جسم عظيم تحت العرش ….. [ لأن ترك الظاهر بغير دليل لا يجوز والله أعلم ]

وبين الإمام الألوسي في تفسيره أن المراد بالكرسي جسم بين يدي العرش محيط بالسموات السبع ثم أورد الأحاديث التي وردت في ذلك وذكر أقوالا أخرى في المراد بالكرسي ثم رجح ما ذكره أولا وبين أنه الحق الثابت الذي نطقت به الأخبار الصحيحة [24]

وقال الإمام الشوكاني [ ( وسع كرسيه ) الكرسي : الظاهر أنه الجسم الذي وردت الآثار بصفته وقد نفي وجوده جماعة من المعتزلة وأخطئوا في ذلك خطأ بينا وغلطوا غلطا فاحشا وقال بعض السلف إن الكرسي هنا عبارة عن العلم … ورجح هذا القول ابن جرير الطبري وقيل كرسيه قدرته التي يمسك بها السموات والأرض وقيل هو تصوير لعظمته ، ولاحقيقة له ، وقيل هو عبارة عن الملك ، والحق القول الأول ، ولاوجه للعدول عنه

وقال صاحب روح البيان [ والمعتمد : أن الكرسي جسم بين يدي العرش محيط بالسموات السبع ]

وقال صاحب فتح البيان بعد عرضه للأقوال الواردة في بيان معنى الكرسي [ والحق القول الأول ] يقصد الجسم الذي وردت الآثار بصفته [ ولا وجه للعدول عن المعنى الحقيقي إلى مجرد خيالات تسببت عن جهالات وضلالات ]

موعظة بليغة : ‏

روى ابن ماجه. في سننه عَنْ جَابِرٍ؛ قَالَ: لَمَّا رَجَعَتْ إِلَىرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ، قَالَ: (أَلاَ تُحَدِّثُونِي، بِأَعَاجِيبِ مَارَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ؟) قَالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ: بَلَى. بَارَسُولَ اللهِ! بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ. مَرَّتْ بِنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ رَهَابِينِهِمْ تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ. فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ. فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا. فَحَرَّتْ عَلَى رُكْبَتَيْهَا. فَانْكَسَرتْ قُلَّتُهَا. فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ، الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: سَوْفَ تَعْلَمُ، يَاغُدَرُ! إِذَا وَضَعَ اللهُ الْكُرْسِيَّ، وَجَمَعَ الأَوَّلِينَ وَالآْخِرِينَ. وَتَكَلَّمَتِ الأَيْدِي وَالأَرْجُلُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَسَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْري وَأَمْرُكَ، عِنْدَهُ غَداً. قَالَ: يَقُولُ رَسُولُ اللهِ r صَدَقَتْ : صَدَقَتْ. كَيْفَ يُقَدِّسُ اللهُ أُمَّةً لاَيُؤْخَذُ لِضَعِيِفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ ؟ ) .

} وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا {

لا يثقله حفظهما ،يقال آده كذا أي أثقله ولحقه منه مشقة ، ومنه الموؤودة : البنت التي تدفن حية لأنهم يثقلونها بالتراب ، والمعنى لا يثقله U ولا يشق عليه حفظ السموات والأرض وما فيهما وما بينهما ، قال صاحب روح البيان:{ لا يثقله ولا يشق عليه تعالى حفظ السموات والأرض ، إذ القريب و البعيد عنده سواء والقليل والكثير سواء ، وكيف يتعب في خلق الذرة وكل الكون عنده سواء فلا من القليل له تيسر ولامن الكثير عليه تعسر (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) ]

} وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ {

( العلى ) صفة من صفاته U ، وهى من الفعل علا يعلو ، وفيها إعلال بالقلب لأن أصله (عَليو) بسكون الياء اجتمعت الياء والواو في الكلمة وكانت الأولى منها ساكنة فقلبت الواو إلى ياء وأدغمت مع الياء الأخرى .

( العلى ) هو الذى لارتبة فوق رتبته 0

(العلى ) الذى تاهت الألباب في جلاله وعجزت العقول عن وصفه كما له وقال الراغب في المفردات { الذي يعلو أن يحيط به وصف الواصفين بل علم العارفين

[ (العلي) بالاقتدار ونفوذ السلطان ، والعلي عن الأشباه والأضداد ] 0

( العلى) :{الرفيع فوق خلقه المتعالى عن الأشباه والأنداد }0

{ العلى الذى ليس فوقه شىء والقاهر الذى لا يغلبه شىء }

{ العلى ) بذاته على جميع مخلوقاته ، وهو العلى بعظمة صفاته وهو العلى الذى قهر المخلوقات ودانت له الموجودات وخضعت له الصعاب وذلت له الرقاب }[25]

فهو سبحانه العلى في ذاته وفي صفاته وكل ما ورد في القرآن والسنة النبوية في بيان علوه جل شأنه : فإننا نؤمن به ونقر به كما جاء بدون تشبيه ولا تعطيل ولا تكييف فالله U كما أخبر عن نفسه ( ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ) سورة الشورى

قال ابن كثير في تفسيره {000فقوله وهو العلى العظيم كقوله تعالى ( الكبير المتعال )سورة الرعد 9 ، وهذه الآيات وما في معناها من الأحاديث الصحاج الأجود فيها طريقة السلف الصالح ، أمروها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه

( العظيم ) " ذو العظمة والهيبة والجلال والكمال ، وهو الكبير المتعال لا يعجزه شىء ولا يحيط العقل بكنه ذاته و لا صفاته 0

{ ( العظيم ) ذو العظمة الذى كل شىء دونه ، فلا شىء أعظم منه }

{ ( العظيم ) : الذى يستحقر بالنسبة إليه كل ما سواه 00}

{ ( العظيم ) الكبير الذى لا شىء أعظم منه } [26] وفي الحديث القدسى يقول Y { الكبرياء ردائى و العظمة إزاري }

{ ( العظيم ) أى العظيم الشأن ، القادر الذى لا يعجزه شىء والعالم الذى لا يخفي عليه شىء لا نهاية لمقدوراته و لا غاية لمعلوماته }

{ العظيم : الجامع لجميع صفات العظمة و الكبرياء والمجد و البهاء ، الذى تحبه القلوب وتعظمه الأرواح ، ويعرف العارفون أن عظمة كل شىء وإن جلت عن الصفة فإنها مضمحلة في جانب عظمة العلى العظيم }.

الخاتمة وتشتمل على :

أولا : أهم ما يستفاد من هذه الآية الكريمة :

إخلاص العقيدة والعبادة لله رب العالمين ، فهو تعالى الواحد الأحد لا رب غيره ولا معبود سواه .
في الآية الكريمة بيان لكمال صفات الذات وصفات الأفعال من خلال وصفه U ب ) الْحَيُّ الْقَيُّومُ ( .
ومن كمال حياته وقيوميته U على كل شيئ أنه تعالى لا تأخذه سنة ولا نوم .
على المسلم أن يسعى إلى الحياة الطيبة بالإيمان والعمل الصالح، وأن يراقب مولاه U في كل أعماله ، فهو تعالى القائم على كل نفس بما كسبت وعلى المسلم أيضاً أن يفوض أمره كله للحى القيوم Y .
الإكثار من الدعاء بالحي القيوم فبها تحيى القلوب وتنشط العقول ، والتوسل بهما أدعى وأرجى للقبول .
كل ما في الكون ملك لله U فلا ملك إلا له ولا مالك سواه .
لا شفاعة إلا بإذن الله ورضاه ولا شفيع إلا من ارتضاه فالأمر كله لله . يختص بفضله ورحمته من يشاء .
لا علم للبشر إلا ما علمهم الله ، ومهما أوتوا من العلم ، ومهما ارتقوا في درجاته فعلمهم قليل وعقولهم قاصرة ، ولا سبيل للمعرفة الكاملة والإحاطة الشاملة بالمحسوسات المشاهدة فضلاً عن الحقائق الغيبية ؛ فعلى العبد أن يفوض العلم إلى علام الغيوب ، وأن يوظف علمه فيما ينفع الناس ابتغاء مرضاة الله .
في الآية الكريمة إثبات لمشيئة الله تعالى فلا يقع في ملكه إلا ما شاء .
وفي هذا دعوة ضمنية للإيمان بالقدر خيره وشره ، حلوه ومره ، فكل ما في الكون خاضع لمشيئة الله U قال تعالى : ) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ( سورة القصص 68 وقال سبحانه ) وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين ( سورة التكوير 29
الإيمان بعظمة وسعة ملكه U على وجه العموم ، والإيمان بالكرسي وهو جرم عظيم ، والإيمان بقدرته U على حفظ السموات والأرض وما فيهن وما بينهن فهو تعالى القادر القاهر فوق كل شيئ ، والقليل والكثير واليسير والعسير عنده سواء .
الإيمان باسم الله ( العلي) فهو تعالى العلي بذاته وصفاته وأفعاله ، ( العلي ) فوق عباده ، ( العلي ) عن الأشباه والأنداد والأضداد ، الإيمان بهذا الاسم الجليل وبهذه الصفة بدون تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تجسيم قال الله تعالى : ) لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير (.
وحظ العبد من هذا الاسم الجليل أن يكون عالي الهمة بالإيمان والعلم والعمل الصالح عالياً باتباع الحق ، وأن لا يتعالى على الحق وأهله .
الإيمان باسم الله العظيم : فهو تعالى ( العظيم ) في ذاته وصفاته وأفعاله ( العظيم ) فلا شيئ أعظم منه ، ولا عظمة إلا به ومنه ، ولا نهاية لعظمته ولا حد لها ولا مثيل لها ولا شبيه .
وحظ العبد من هذا الاسم أن يستحضر في قلبه دائماً عظمة الله U وأن يعظم ما عظمه الله 0
المداومة على قراءة آية الكرسي بتأمل وتدبر ، عقب كل صلاة مكتوبة وحين يصبح المسلم وحين يمسي وحين يأوي إلى فراشه ، ويداوم على قراءتها في بيته ففي ذلك خير كثير وأجر كبير .
وفي آية الكرسي ردود على شبهات وأباطيل أعداء الدين .
* ففيها رد على المشركين الذين زعموا وجود آلهة أخرى ، تعالى الله عما يشركون قال تعالى : ) اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو ( فلا رب غيره ولا معبود سواه .

* وفيها رد على الملاحدة الذين أنكروا وجود الله تعالى متجاهلين وغافلين عن آيات الله الكونية والإنسانية وعن الأدلة الظاهرة والحجج الباهرة التي تشهد لله عز وجل .

ولله في كل تحريكة وتسكينة في الورى شاهد

وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
فياعجبا كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجاحد تأمل سطور الكائنات فإنها من الملأ الأعلى إليك رسائل

وقد خط فيها لو تأملت خطها ألا كل شيء ما خلا الله باطل

في الآية الكريمة رد على منكري الشفاعة ، ورد أيضاً على من أثبتها على الإطلاق
قال تعالى ) مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِه ( .

** وفي الآية رد على القدرية الذين أنكروا القدر ، وزعموا أن الأمر أنف أي أن علمه تعالى بالأشياء كما زعموا – لا يكون إلا بعد وقوعها .
** قال تعالى ) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا يشَاء (
** وفي الآية رد على من أنكر علمه تعالى بالجزئيات ، فعلمه تعالى شامل لكل ما لطف ودق وكل ما ظهر وبطن لا تغيب عنه غائبة ولا تعزب عنه عازبة ولا تخفي عليه خافية

** وفي الآية تنزيه لله U من صفات العجز والنقص والسلب فهو تعالى صاحب الكمال المطلق والقدرة والإرادة الغالبة والمشيئة النافذة ، لا يغفل ولا ينام ولا يعجزه شيئ ولا يعزب عن علمه شيئ ، ولا يثقل عليه شيئ 0








--------------------------------------------------------------------------------

[1] القصد المجرد في معرفة الاسم المفرد - لابن عطاء الله السكندرى - ص 13،14 - ط : صبيح – بدون تاريخ .

[2] - تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن للشيخ السعدى 1/218

[3] - -ديوان أمية بن أبي الصلت الثقفي : ص 57 ويراجع جامع البيان للطبري 3/ 388

[4] - -يراجع جامع البيان للطبري 3 /388 والنكت والعيون للماوردي 1 /259 ومعالم التنزيل للبغوي 1/238 - وفتح القدير للشوكانيي 1 / 271

[5] - -المفردات للراغب ص 417

[6] - -جامع البيان للطبري 3/ 388

[7] - في ظلال القرآن 1 / 287

[8] - أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي

[9] - التحرير و التنوير لابن عاشور 1/ 19

[10] - - الميزان للطباطبائى 2 / 19

[11] [11] مفاتيح الغيب للرازي 7/8 وحاشية الجمل 1/206 وروح المعاني 3/13

[12] [12] عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ للشيخ أحمد بن يوسف المعروف بالسمين الحلبي 4/360

[13] - [13] يراجع الفريد في إعراب القرآن المجيد لحسين بن أبي العز الهمدانى ت 643ه 1/495 ، 496

[14] - [14] - تفسير المنار 3/ 26

[15] - من ذلك قوله تعالى في سورة آل عمران } وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {189}{

[16] -حاشية الصاوى 1/ 165

[17] المفردات للراغب ص 263

[18] - رد صريح على ما ذهب إليه عبد الصبور شاهين هداه الله من أن أدم ليس أبا البشر ، وشغل بهذا الرأي الشاذ العلماء والعامة وشتت أفكار الأمة بهذا الرأي السخيف ولا أملك إلا أن أقول له ولكل من سار على نهجه حسبنا الله ونعم الوكيل .

[19] رواه البخاري في صحيحه ط/ الرقاق باب صفة الجنة والنار ح 6191 ،ورواه أبو داود في السنن ك/ السنة باب في الشفاعة ح 4740 ، ورراه ابن ماجة في السنن باب ذكر الشفاعة ح 4315 0

[20] [20] - الحديث أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ك/الصيام باب في فضل الصوم ح 5081 ،وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجال الطبراني رجال الصحيح وأورده السيوطي في الجامع الصغير ح/5203 وعزاه إلى أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك والطبراني في المعجم الكبير ، وأشار إليه بالصحة 0

[21] - فتح القدير للشوكانى 1 / 27
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير اية الكرسي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
واحة البلباليين(كوراكيو) :: الجنة الضائعة ( تبلبالة) :: الاسلامي-
انتقل الى: