الحمد لله وحده , والصلاة و السلام على مَن لا نبي بعده, نبينا محمد وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين , أما بعد...
أخي ، أختي
هل
بكيتِ يوماَ ؟
هل
تأملت ِ عظيم جنايتكِ فأسبلتِ العبرات ؟
هل
تأملتِ عناية الله بكِ , وإمهاله لكِ , مع إعراضكِ عنه , وفرارك منه ؟ فسكبتِ الدموع مع الآهات ..
هل
تأملتِ قوته وضعفكِ ؟ وغناه وفقركِ ؟ وكماله ونقصكِ ؟ وحياته وموتكِ ؟
هل
تأملتِ شده عذابه لمن عصاه ؟ وحسن جزائه لمن أطاعه ووالاه ؟
لماذا
قحطت مآقينا فلم تسمح بدمعة واحدة ؟
لماذا
قست قلوبنا , وضاقت صدورنا , وساءت أحوالنا ؟
لماذا
ثقلت جوارحنا عن الطاعات , ونشطت عند الملاهي والمنكرات ؟
أين نحن
من سلف هذه الأمة , الذين أحسنوا العمل , وبكوا خوفاَ من التقصير والزُّلل ,وحذراً من الردِّ والخلل ؟
أين نحن
من { إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا }
[ مريم : 58 ]
أين بكاؤنا
عند سماع القرآن ؟ أين خشوعنا وخضوعنا لآيات الفرقان ؟ { وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا } [ الإسراء : 106_109]
فالبكاء من خشية الله دليل ُ الإيمان ِ واستشعار حلاوته , ولذلك فإن الله تعالى { أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} [ النجم : 59,90]
قال ابن كثير في تفسيره : (( ثم قال تعالى منكراً على المشركين في استماعهم القرآن وإعراضهم عنه وتلهيهم : { أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ }...} من أن يكون صحيحاً , { وَتَضْحَكُونَ } } منه استهزاءً وسخرية { وَلَا تَبْكُونَ } } أي كما يفعل الموقنون به , كما اخبر عنهم : { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا }